#إن_هذه_تذكرة.

عندما يخرج الحقوقيون والمعارضون والأساتذة، ويقفون في الشارع بكل تحضر وتمدن في إطار القانون ليحتجوا على قضية ما، يُضرَبون ويُسحَلون ويُسبُّون ويُشتَمون من طرف قوات الأمن التي تتنمر عليهم بترسانتها القمعية، أما عندما يستوجب الموقف الحزم والحسم يكون القرار هو الفرار كما فعلت قوات الأمن زوال الاحد الماضي بالمركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، تاركة جمهور الجيش الملكي في مواجهة مباشرة مع جمهور المغرب الفاسي، في غياب شبه تام للأمن.
دعونا بداية ندين كل أشكال العنف من أي طرف كان، وندين كل أشكال التخريب التي تطال الممتلكات العامة والخاصة، ولنتذكر ونحن نتابع هذه المشاهد المرعبة، الحِمل الثقيل الذي تتحمله المؤسسات التعليمية وهي تستقبل كل صباح وزوال هذه الفئات العمرية التي عجزت قوات الأمن بكل ما تملك من سلطة معنوية وعنف مادي على ردعها، في المقابل نتذكر الأستاذة والأستاذ اللذان يستقبلان كل ساعة 45 تلميذ وتلميذة، وهما مجردين من كل سلطة أو قانون يحميهم، من أجل تربية وتعليم هذا الجيل الذي يعتبر نتاج طبيعي لمسلسل الفشل السياسي العام والذي يشكل التعليم جزءا منه.
لماذا استدعي التعليم هنا دون غيره من القطاعات الحكومية الأخرى، لأنه هو القلعة العصية والصامدة التي ما زالت تنقذ ما يمكن إنقاذه من غرقى هذا الوطن في أوحال الفشل المتفاقمة، والسؤال ماذا لو رفع رجال ونساء التعليم الراية البيضاء، ووضعوا أسلحتهم البيداغوجية والتربوية والعلمية، وانْسَلَّ التسيب إلى المؤسسات التعليمية، حتما ستقع الكارثة! إن عين الحكمة والعقل يقتضيان أن يُعتبَر العاملون في قطاع التعليم بمثابة فيالق الجيش والأمن المتقدمة في معركة الوعي والتربية والتعليم والتكوين في أي وطن، مما يستوجب إيلاء هذا القطاع الأهمية القصوى، بذل جعله مجرد مهنة تدريس تفتقر إلى أدنى شروط الأمن الوظيفي. إن المضي في إفراغ قلعة التعليم من جنود رسميين حقيقيين والإصرار على منحهم صفة أشباه الجنود من جهة، ثم الإمعان في إذلالهم عبر العنف والاعتقال والحكم عليهم بشهور نافذة، يؤكد أن صناع القرار لم يدركوا بعد مركزية ومحورية هذا القطاع في تحقيق الأمن الاجتماعي والسياسي.
لذلك كله، يتوجب على من يهمهم الأمر أن يستوعبوا العبر من مثل هذه الدروس الصغيرة قبل أن يتحول الوطن، لا قدر الله، إلى ملعب كبير تتسيده الغوغاء التي لا تبقي ولا تذر، حينها ولات حين مناص!