د.عمر احرشان: صياغة مشروع مجتمعي، يستوجب نقاشا تأسيسيا يعلن القطيعة مع الوضع الحالي..
أكد الدكتور عمر احرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، أن المدخل إلى صياغة مشروع مجتمعي؛ نقاش تأسيسي تشارك فيه النخب الوطنية، تكون مخرجاته إعلان قطيعة تامة مع الوضع الحالي والسياسات العامة التي تؤطره والمؤسسات التي تحكمه.
وكشف، في حوار أجراه معه موقع مومنات.نت www.mouminate.net على هامش تنظيم الجماعة للندوة الفكرية الحوارية في موضوع: “المغرب وسؤال المشروع المجتمعي” إحياء للذكرى التاسعة لوفاة الإمام رحمه الله تعالى، أنه ليس للجماعة اشتراطات للمشاركة في هذا النقاش، ولكن لها مقترحات ولها مبادئ كما لغيرها.
وعرج في حواره على التذكير ببعض المبادرات التي أطلقتها الجماعة والتي تصب في هذا الهدف، كما أطلع القراء على الوضع التواصلي بين مختلف الهيئات، والإكراهات التي تعرقل مسيرة الحوار، واستراتيجية الجماعة للمرحلة القادمة..
د. احرشان؛ اتخذتم موضوعا لإحياء ذكرى رحيل الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى: “المغرب وسؤال المشروع المجتمعي”، ماذا تقترحون في جماعة العدل والإحسان كمداخل للتغيير؟
طرح موضوع المشروع المجتمعي وحده كاف كجواب عن هذا السؤال. الحديث عن الحاجة إلى مشروع مجتمعي تفيد الحاجة إلى نقاش تأسيسي تكون مخرجاته إعلان قطيعة تامة مع الوضع الحالي والسياسات العامة التي تؤطره والمؤسسات التي تحكمه. تؤكد جماعة العدل والإحسان بهذا الخيار أن الحل أكبر من مجرد سياسات ترقيعية، وأن التشخيص الانتقائي للوضع في البلاد لن يساهم إلا في تمديد عمر الأزمة الخانقة التي تعاني منها الدولة ويدفع ثمنها المغاربة من حرياتهم وحقوقهم ومعيشهم وكرامتهم. وتحاول الجماعة كذلك من خلال هذا الاختيار أن تبقى وفية لدورها كقوة دفع واقتراح وتجميع للقوى التي لها مصلحة في إحداث التغيير والقطع مع الفساد والاستبداد.
تعتبرون إذن أن اجتماع النخب الوطنية على صياغة مشروع مشترك يقطع مع الفساد والاستبداد، مدخلا أساسيا للتغيير المجتمعي المنشود. فهل لكم شروط معينة؟
ليس للجماعة شروط ولكن لها مقترحات ولها مبادئ كما لغيرها، والمطلوب هو أن يفضي الحوار المفتوح وغير المشروط إلى اتفاقات، أو ما يصطلح عليه “إعلان مبادئ”، تؤكد القواسم المشتركة بين كل الفرقاء، والتي يمكن أن تشكل مبادئ فوق دستورية أو ميثاقا جامعا. ترى العدل والإحسان أن أهم هذه القواسم المشتركة هو الإسلام، ولذلك تدعو إلى ميثاق جامع على أرضية إسلامية. والأهم في هذا الحوار هو أن يكون على مرأى ومسمع من الشعب صاحب السيادة.
سبقت لكم في هذا الشأن مبادرات. هلا ذكرتنا بأهمها؟
اقترحت الجماعة في أكثر من مرة مبادرات وقامت بخطوات؛ بدءا بفكرة تخصيص مناسبة فك الحصار عن المرشد رحمه الله كيوم وطني للحوار، والدعوة إلى حلف الإخاء، والدعوة إلى ميثاق جامع، وشاركت في مبادرات كثيرة تفتل في نفس الهدف.
عمليا؛ أين وصل تواصلكم مع باقي الهيئات؟
هناك تقدم كبير مقارنة مع الوضع السابق. في فترة كان التواصل منعدما، بل حتى الاعتراف المتبادل غير متوفر، اليوم هناك اعتراف واحترام متبادل، وهناك تواصل عادي حسب المناسبات والقضايا، وهناك أكثر من ذلك تنسيق وتعاون وحتى عمل ممأسس في قضايا مجتمعية عدة، وفي أكثر من إطار جماهيري. ولكن كل هذا الإنجاز لم يرق بعد إلى ما يتطلبه الوضع وما يستلزمه التغيير في البلاد، وأسباب ذلك متعددة منها ما هو ذاتي وموضوعي وتاريخي.
هل تذكر لنا بعض هذه الأسباب، أو لنقل المعيقات التي تعرقل عملية الحوار الواسع بين النخب الوطنية؟
أهم عائق أساس هو التضييق المخزني؛ الذي ينفق أموالا طائلة ويسخر إمكانيات باهظة للحيلولة دون نجاح الحوار بين معارضيه، ثم آلته الدعائية التي تشتغل بطرق غير مهنية وغير أخلاقية للتخويف من هؤلاء المعارضين، ثم نضج المعنيين بهذا الحوار لاستيعاب أن إنجاح العمل المشترك ليس مطلبا ثانويا بل هو مطلب شرطي قد يتحقق بوجوده التغيير ولكن حتما ينعدم التغيير بانعدامه، ثم هناك لزوم التخلص من الإفراط في استحضار الماضي وتضخيم بعض وقائعه، ثم استحضار مصلحة الشعب أكثر من مصلحة هذا التنظيم أو ذاك.
بالنظر لهذه الإكراهات، هل أنتم راضون عن النتائج؟
الرضى في السياسة غير موجود، كما أن اليأس مرفوض. هناك تقييم دائم للنتائج المحصلة على ضوء المتاح والممكن، وهناك نقاش حقيقي جماعي حول العوامل المساعدة لتطوير العلاقات البينية. وبالمقابل، هناك مجالات تعرف تطورا وتقدما ملحوظا، ونظن أن كل نجاح جزئي يشكل مرحلة ومنطلقا للنجاح التام.
هل تملك الجماعة استراتيجية للعمل تخص الفترة المقبلة؟
استراتيجيتنا هي الاستمرار بنفس المقاربة لكسر كل الخطط المخزنية التي تهدف إلى عزل المعارضين عن بعضهم وإشغالهم ببعضهم، والحرص على تقوية العمل المشترك، لأن النجاح في هذا الورش يعني سلب نقطة القوة لدى المخزن الذي يكتسب قوته من تشتت خصومه وصراعاتهم، لأنه يعي جيدا أنه يفتقد لعناصر القوة الذاتية.
في انتظار تحقيق التغيير الذي تنشدونه، هل هناك عمل، على المستوى الداخلي للجماعة والشعبي أيضا، من أجل التهييء لهذا التغيير، أم تصبون جل جهدكم على التواصل مع النخب؟
على المستوى الداخلي للجماعة، هناك عمل دائم ومستمر لاستكمال البناء التصوري والتنظيمي والبرنامجي للجماعة، ومعه هناك ورش التأطير والتأهيل لتحقيق موازنة بين القوة العددية للجماعة كما وكيفا، وهناك دائما انشغال بالأساس والأصل التربوي الذي يميز الجماعة عن غيرها حتى تكون ملاذا تربويا وأخلاقيا وصمام أمان ضد كل غلو وتشدد وتطرف، وهناك مجهود كبير يبذل وسط مؤسسات الجماعة التخصصية لبعث نظرة تجديدية بعيدا عن التقليد.
وعلى المستوى المجتمعي، تبقى الجماعة فاعلا مع غيرها في كل القضايا التي يتضرر منها المغاربة، ومناصرة لكل القضايا العادلة.