لماذا تصرين على تذكيرنا بالوجع؟
نريد أن ننسى يا امي،،
لقد تدربنا على إغماض العين، وبرمجنا الذاكرة على أشياء أخرى، ليس فيها تأنيب للضمير، ولا تذكير بالعهود.
ولأنك مصرة على المقاومة بالحفاظ على شعلة الذاكرة، دعيني اروي قصة اللحظات الأخيرة لمناضل تشيلي غير معروف، سوى أن اسمه الشحصي: سارابيا.
كان سارابيا مناضلا ماركسيا، وفيا لخط اللييندي، وأعتقل بعد انقلاب بينوشي العسكري، وعذب تعذيبا شديدا، ولما شارف على الموت، جاؤوه بكاهن، من أجل أن « يتوب » أمام يديه عبر طقس الاعتراف الكنسي.
بعد سنوات روى من حضر الواقعة، أن سارابيا رد على الكاهن :
لا اخفيك أيها الأب، اني بعد كل حفلة تعذيب، كان يتنازعني صراع حول وجود الرب من عدمه، مرة اقول إن ما يحصل لنا دليل على أن الرب كذبة، فكيف يسمح لنفسه بالتخلي عنا؟ ومرة اقول: سيكون الظلم مضاعفا، إذا لم تكن هناك عدالة بعد الموت، لا يجب أن يفلت هؤلاء من العقاب.
إنك أيها الأب تريد أن تقنعني بوجود الرب، وأنا أقول لك: حتى لو لم يكن، يجب أن يكون ، إني اليوم أريده أن يكون.
لكن أيها الأب، تأكد انه أذا كان، فلن يسألني لماذا لم أكن أذهب للكنيسة، وسيغفر لي لأني كنت في صف احبابه المظلومين، وتأكد أنه سيقول لك: لماذا جئت تعظ ذاك الذي شارف على الموت بسبب التعذيب، ولم تعظ من تجرأوا على أن يكونوا آلهة فوق مملكتي الأرضية، ليقيموا هذا الجحيم الأرضي
Khalid El Bekkari
..