عزيزي أخنوش، انتهت البطولة!

هل تعلم عزيزي أخنوش؟
لقد انتهى الدوري المغربي بالأمس بتتويج فريق الوداد الرياضي بطلا للبلاد، بعدما تُوّج قبل شهر بطلا للقارة.
كان الموسم شاقا وحماسيا، انشغلت فيه الأمة بمتابعة وداد الأمة وهي تغزو إفريقيا، وكانت انتصاراتها تصنع الأفراح في كل مكان، وتجعل الحياة تبدو جميلة.
كانت الوداديون مشغولين جدا بالمعارك التي يخوضها اللاعبون، يهتفون، يصرخون، يغنون، يغضبون، يمزحون… يعيشون أيامهم في توتر بالغ من أجل هدف واحد؛ أن تفوز الوداد باللقبين، وتتسيّد الكرة في البلاد وفي القارة هذا العام. ولقد فعلتها، وأعلن وكالات الأنباء تتويج الوداد بالازدواجية.
وطبعا، لم يكن الوداديون وحدهم المشغولين. كانت كل الجماهير المغربية مشغولة هذا العام، إما مشغولة بتفادي السقوط إلى الدرجة الثانية، أو مشغولة بمنع الوداد من خطف لقبها الثاني على التوالي.
والآن، عزيزي أخنوش، انتهت البطولة!
الآن، انتهى الدوري، ولم تعد الجماهير المغربية مشغولة.
الآن، يمكن للجماهير أن تضع أدوات التشجيع والتطبيل على الأرض، وتترك الملعب خلف ظهرها، وتلتفت إليك.
لقد أنْسَتِ الكرةُ جماهيرَ الكرة وجعَ الحياة هذه الأشهر، لكن لم تُنسِها أصل الوجع.
لم تنس أنك على رأس حكومة وعدتْ بتغيير الوضع السيء، فلم يتغير إلا إلى الأسوأ.
لم تنس الارتفاع المهول في أسعار المحروقات الذي أنت ـ كما نعلم ـ صاحبها، ولا نسيت الأخبار الاقتصادية السعيدة عن توسع الأنشطة التجارية لأسرتكم السعيدة، في الوقت الذي تضيق فيه الحياة أكثر فأكثر على المواطنين.
لا، الجماهير لم تنس. لم تنس فساد المسؤولين داخل المؤسسات، ولو أنها كانت مشغولة أكثر بفساد الحكام داخل الملعب. هل تعلم؟ كان المغاربة (المشجعون) خلال هذه الأشهر يحتجون بضراوة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المدرجات، كانوا يهاجمون الفاسدين بالأسماء دون خوف، ويضغطون بقوة لمعاقبتهم وهم مؤمنون بأن المتورطين سيُعاقبون.
كانوا رغم اختلاف انتماءاتهم حدّ « العداء » لا يرضون بالظلم، يرفعون أصواتهم عاليا عند أي مسّة طرف. كانوا جنودا حقيقيين يتوحدون ويقاتلون من أجل الدفاع عن حقوق فرقهم، وكانوا لا يكتفون بالاستنكار، بل يهددون، وغالبا ما كانوا ينهون تهديداتهم بعبارة (حذاري، حذاري).
ما الذي سيمنعهم الآن بعد انتهاء الدوري من الاستنكار بنفس الضراوة ضد فساد أكبر يتحكم في مصير وطنهم، وفي حياتهم اليومية وفي مستقبلهم ومستقبل أبنائهم؟
ما الذي سيمنعهم من الصراخ عاليا مع كل قرار خاطئ لوزير كما صرخوا مع كل قرار خاطئ لحكم؟
ما الذي سيمنعهم من الضغط كي يُعاقب المفسدون، كما ضغطوا من أجل معاقبة حكام ومسيرين ولاعبين؟
لا شيء سيمنعهم. ويا خوفي عليك عزيزي أخنوش لو يفعلونها.
لقد تابعتَ أنت بالتأكيد مباريات الوداد والرجاء مثلا، ورأيت القوة الجبارة التي تمتلكها الجماهير رغم اختلاف انتمائها ووضعها. فجماهير الوداد مثلا استطاعت أن تزرع الرعب في كل الخصوم حتى سقطوا، وجماهير الرجاء استطاعت أن تزرع الرعب في كل المسيرين حتى رحلوا.
ويا خوفي عزيزي أخنوش إذا انتبهوا إلى أن الوجع من ضعف القدرة الشرائية أشد إيلاما من وجع الهزيمة في مباراة.
وأن أعطاب الحكومة والبرلمان أشد خطرا من أعطاب الجامعة والعصبة.
وأن الذي يملك ازدواجية الثروة والسلطة أشد استبدادا من الذي يملك ازدواجية المهام.
وأن الفشل في كسب لقمة العيش أكثر إثارة للبكاء من الفشل في كسب لقب.
وأن الانتصار في الحياة أكثر مدعاة للاعتزاز من الانتصار في ملعب كرة قدم.
يا خوفي عزيزي أخنوش إذا عادوا إلى أيام حملتك الانتخابية، وأعادوا الاستماع إلى وعودك، ونفذوا ما طلبه منهم زميلك في الحزب إذا لم تفوا بوعودكم؛ أن يضربوكم بالحجر!
آه نسيت. هناك مباراة بعد يومين، بعد المباراة، سنرى ما يحدث.
منير باهي
PLUS D’ARTICLES :








