إنا لله وإنا إليه راجعون
اليوم ترجل الفارس المجاهد سيدي محمد اللياوي عن صهوة جواد الحياة، بعدما صبر عن 18 سنة سجنا نافذا في سجون الظلم والاستبداد، وبعدما صبر عن ابتلاء المرض، وبعدما أدى واجب التعليم تجاه أبناء الوطن، ترجل الرجل بعدما وقَّعَ بمداد الوفاء والصدق والبذل على مشروع الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، وعمل بوصيته، فغادر الدنيا وليس في قلبه حقدا على جلاديه، عاش الرجل مجاهدا عفيفا، ونحسبه عند الله شهيدا فعنْ أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه متفقٌ عليهِ.
فالله نسأل أن يكون مقامه في الفردوس الأعلى، وأن ينعم بجوار الحبيب المصطفى، وأن يكون من الوجوه الناضرة إلى ربها ناظرة، وان يرزق أسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان على فراقه.
انتقل إلى عفو الله ورحمته الدكتور محمد اللياوي، أحد أطر جماعة العدل والإحسان وأبرز معتقليها السياسيين الإثني عشر، صباح الثلاثاء اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك الموافق لـ12 يوليوز 2022، بعد معاناة مع مرض عضال قابله بالصبر والاحتساب الجميل.
وقد توفي اللياوي في مدينة بركان، وهي نفسها مدينة مولده سنة 1971 ومهد طفولته وصباه.
وعمل الدكتور اللياوي أستاذا للتعليم الثانوي، وله ثلاثة أبناء. شغل عضوية لجنة التكوين والتعليم في الجماعة، وغيرها من المهام والمسؤوليات، قبل أن يصاب بالمرض. وهو أحد الفرسان الإثني عشر طلبة العدل والإحسان، الذين اعتقلوا وسجنوا ظلما وعدوانا سنة 1991 وحكموا بـ20 سنة سجنا بسبب انتمائهم للجماعة.
واللياوي حاصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية والإجازة في القانون، وكلا الشهادتين تحصّل عليهما أثناء مرابطته في مدرسة يوسف السجنية، حين حوّل، صحبة إخوانه الإحدى عشر، السجن الظالم إلى ورشة للتعلم والتزود وواحة للذكر والمرابطة وحفظ القرآن، وصبر للاعتقال وصمد أمام تطاول أيامه وسنينه ولم يتنازل أو يساوم وبقي مرفوع الرأس حتى خرج هو ورفاقه مرفوعي الرأس شاهدين على واحدة من أسوء مظالم الاعتقال السياسي في تاريخ المغرب الحديث.
رحم الله هذا الرجل الصابر الصادق، وألحقه بالصالحين من عباده، وكتبه في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
موقع